رواية.. اثنين

طالبة بكلية الفنون التطبيقية.. تجوب الشوارع حاملة آلة التصوير وأدواتها.. تبحث وسط الوجوه.. تبحث عن وجه واحد.. تعمل على مجموعة من الصور الفوتوغرافية تحمل عنوان "وجوه".. فهي لطالما أحبت تفاصل الوجه وكيف يتغير فيعبر عن المشاعر ويشيخ حول العينين فلا تتغيران مهما طال العمر.. يصاحبها صديقها.. شاب مصري أسمر.. تفاصيل وجهه مصرية خالصة.. ملامح وجهه الطويل الأسمر وعيناه السوداوان الواسعتان وشعره الأسود الناعم ولحيته التي أطلقها لبضعة أيام حتى أصبحت خفيفة تجعله يبدو كفرعون شاب يحمل حكمة أكبر من عمره.. أحبت تفاصيل وجهه لذلك كانت صديقته.. ولكنه أحب كل ما فيها لذلك كان صديقها..
لم تكن تعلم كل ما تعني له.. بالرغم من أن عيناه كانت تفضحان كل ما في قلبه.. ولكنها اختارت أن لا تشعر.. اختارت أن لا تعلم.. أحست أنها سوف تخسر صديقا باسم الحب.. فاختارت أن يكون صديق.. كانت دائما ما تحدثه عن فتى أحلامها الذي تنتظره ولم تقابله بعد.. ربما لأنه كان دائما في أحلامها أو ربما لتبعد تفكيره عنها وحلمه هو بها..
شخصيتها المرحة وحركتها الدائمة ميزتها عن الجميع.. من يعرفها لم يظن أنها بكت يوما.. الابتسامة تعلو وجهها دائما.. وهي أكثر ما أحب في وجهها..
بالرغم من حدة الشمس التي انتصفت في السماء.. وبالرغم من أنها كانت تسير إلى جانبه يبحثان في الوجوه منذ الصباح الباكر إلا أنها لا تزال تتمتع بنشاطها.. مقهى قديم في منطقة وسط البلد.. جلسا به في طاولة إلى جانب الزجاج ينظران إلى الشارع ويتحدثان.. تأملت المكان من حولها وتخيلته قديما.. كيف كان.. وكيف صار الآن.. فبالرغم من الديكور الحديث إلا أن تفاصيل صغيره تجلعه جزء من الماضي يحاول العثور على مكان له في عالم اليوم..
يتميز الجالسون من حولها بالتنوع.. كل منهم له عالم خاص.. وكل منهم هنا لسبب أو آخر.. ولكنها استطاعت أن تميزه عنهم.. تحاول أن ترى وجهه لكنها لم تستطع تميزه حتى الآن.. تفحصته في فضول فقد يكون هو من تبحث عنه.. ملابسه كلاسيكية أنيقة.. لا يبدو عليها الاهمال ولا تجعله يبدو مرهقا.. جلسته تدل على الهدوء.. يضع ساقا فوق الساق ممسكا بالجريدة يتصفحها ويقرأها باهتمام..


Comments

Podcast

Mail Chimp embedded form

Subscribe to our mailing list

* indicates required

Popular Posts